منوعات

إصدار جديد عن قبائل الكنوز فى مصر والسودان

صدر مؤخرا عن دار عامر للنشر، الكتاب الأول للباحث عمرو محمد عبدالمنصف سرحان، والذي جاء بعنوان “التغير الثقافى لقبائل الكنوز فى مصر والسودان”.

الباحث الذي اتخذ قرية غرب سهيل بمصر ووادي حلفا شمال السوادن نموذجا، أوضح أن الملبس يعد أحد أهم الرموز المادية الدالة على الخصوصية الثقافية للمجتمعات القبلية التى تختلف عن المجتمعات الحضرية والتي يظهر فيها تأثير العولمة واضحاً فى لباس سكانها. إذ لا يكاد يتميز أهل الحضر فى لباسهم كثيرًا اللهم إلا الفوارق الاقتصادية، أما المجتمعات التقليدية مثل المجتمعات الريفية أو الصحراوية فتتميز باحتفاظهما بلباس مميز عن سكان الحضر.

وقال الباحث أن قبيلة الكنوز ينسبون إلى ربيعة بن بنزار معد بن عدنان من البطون الكبيرة في الحجاز ومرتفعات نجد 854 م خلافة المتوكل في عصر الدولة العباسية، هاجرت أعداد كبيرة من ربيعة إلى مصر وتفرقوا في جهات كثيرة في أسوان وشمال النوبة رافقت قبيلة جهينة إلى قبائل البجة شرقا وحدث اندماج وتزاوج بين ربيعة والبجة وبدأوا بالتنقيب عن معدن الذهب في العلاقي فكثرت أموالهم واتسعت أحوالهم وصارت لهم مرافق ببلاد البجة، في الشرق وقاموا بإنشاء قرية لنماس وحفروا آبارها، ثم استقرت ربيعة في بلاد النوبة للبحث والتنقيب عن الذهب وينسبون إلى كنز الدولة شجاع الدين نصر بن فخر الدين مالك أول ملك عربي يحكم بلاد النوبة، وهي من القبائل العربية المشهورة من قبائل المحاربين والثوار في عهد السلطان المملوكي قلاوون، وتقع بلاد الكنوز من غرب أسوان إلى عمدية المضيق لمسافة 150 كم وهم يتكلمون (الكنزية ما توكي) قريبة من لغة الدنقلة في السودان، وتقع قراهم ومدنهم كما سنوضحها في التالي: دابود، دهميت، أمبركاب، كلابشة، أبوهور، مرواو، ماريا، جرف حسين، قرشه، كشتمنه غرب، الدكة، قورتة، العلاقي، السيالة، المحرقة “المشرفة”.

وتناول الباحث أنواع الملابس التقليدية الخاصة بالأطفال والرجال والنساء التقليدية ثم ما طرأ عليها من تغيرات فى قبيلة الكنوز، وقال انه على الرغم من التغير الذى طرأ على قبيلة الكنوز إلا أن الجلباب ظل هو الزى الرسمي لكبار السن والمشايخ والفئة الكبيرة من الشباب، أما ملابس النساء فى الكنوز فتتميز بالبساطة وروعة الذوق والتناقض فى الألوان وهذا ما يميز المرأة النوبية عن غيرها , فالمرأة النوبية تعشق عباءتها و جرجارها و أزيائها الخاصة , فقديما المرأة النوبية كانت تفصل ملابسها بيدها وأوضح أن “الجرجار” عبارة عن ثوب من القماش التل الأسود رقيق و مزين برسومات من نفس الألوان اشهرها ورق العنب والهلال والنجمة قديما و كان قديما يجب ان يكون الجرجار أطول من مقاس صاحبته بحوالي شبر لكي تجره من خلفها ومن هنا جاء اسم الجرجار.

أما عن “الشوقة” فكانت المرأة النوبية قديما تستخدم ما يطلق علية الشوقة و كانت تلبسها عند خروجها من المنزل و كانت تصنع من الحرير أو الصوف و هي عبارة عن رواء طويل فضفاض و غالبا ما يكون لونة الأسود والغرض منة ابداء ملامح الجسم ، و كانت الشوقة فى الماضي كبيرة و يصل طولها إلى مترين و يبلغ عرضها حوالى متر واحد وكانت تضعها المرأة عند خروجا من المسكن حيث تغطى وجها بعد ان ترتدى عباءتها.

ايضا “ثوب الدس” ،كان يطلق عليه قديما أهم ثوب فى خزانة المرأة النوبية و هي من تقوم بخياطته و يستغرق وقت طويل فى اعداده و تطريزها و قد يصل إلى عدة شهور و يكون بلون زاه كأحمر أو اخضر أو فوسفوري ولا ترتديه إلا فى الأعراس و المناسبات.

أضاف: حديثا تأثر الجرجار بداية من عملية التهجير إلى الآن حيث تعرض النوبيين لعملية التهجير فى عام 1964م وذلك ببناء السد العالي فى هذه الفترة، مما أدى إلى انتقال النوبيين من تلك المنطقة المقام عليها السد إلى شمال السودان ومن ضمن المناطق وادى حلفا و منطقة غرب سهيل فى أسوان، وكان لهذا التهجير اثر فى ارتداء المرأة النوبية الزى التقليدي ( الجرجار) حيث كانت البيئة الأصلية قديما فى النوبة تتلاءم بشكل كبير لارتداء الجرجار، و يرجع ذلك السبب لظروف المناخية الجافة تربة رملية ولا توجد أمطار بشكل كبير مما يسهل ذلك على ارتداء المرأة الجرجار، أما فى البيئة الجديدة ومع التغير فى العوامل الطبيعة و المناخية و احتكاك النوبيين بالمجتمع الخارجي سواء المجتمع الاسوانى فى مصر و المجتمع السوداني، اثر ذلك على المرأة النوبية بشكل واضح فى التخلي عن الجرجار شيئا فشيئا، وبدأت ترتدى المرأة النوبية الساكنة فى منطقة وادى حلفا شمال السودان الزى السوداني مثل كافة المناطق السودانية، وقد حدث تغير فى الملابس الخاصة بالنساء الأن حيث أصبحت معظم الملابس تأتى جاهزة من الأسواق فى مدينة أسوان وأصبح هناك محلات فى غرب سهيل ووادي حلفا يباع فيها كافة الملابس الخارجية والداخلية الخاصة بالنساء وتأخذ أشكال وألوان متعددة، وأصبحت هذه العباية على عكس الجرجار سواء فى نوع القماشة أو الخياطة الذى كان فى الماضي.

ومع مرور الزمن خلال التطور التكنولوجي ودخول السياحة والاحتكاك بالمجتمع الخارجي بدأت المرأة النوبية الكنزية فى الوقت الحالي ترتدى الملابس الجاهزة. وقد اقتصر الجرجار بشكله القديم على النساء كبار السن، أما الفتيات فقد حدث تغير وتطور فى الجلباب بشكل عام والجلباب المنزلي بشكل خاص، حيث أصبح له أشكال مختلفة يصنع من أنواع كثيرة من الأقمشة، والتي تباع من خلال المحلات التجارية.

وعن ملابس المناسبات، أوضح الباحث أن العريس يرتدي فى الزفاف (القفطان) ويأخذ اللون الكاكاو المقلم و يصنع من قماش الحرير، حيث يرتدى ما يسمى بالسروال ومن ثم الجلابية البيضاء والسديري ثم بعد ذلك القفطان وهو ملاصق للجسم مباشرة بحيث يغطى الجسم بالكامل، ومن داخل القفطان يتم وضع الخنجر فى وسط الجسم وله فتحة فى الرقبة بشكل دائري، وله أكمام مطرزة بالقيطان يغطى اليد بالكامل، و يرتدى (تلفيحة ) تصنع من قماش الحرير و تلبس على القفطان، ويرتدى الحذاء الذي يسمى قديما ( مركوب ) تصنع من جلد التعبان أو من جلد التمساح وليس له رباط ويرتدى الطاقية البيضاء، كان كل مكونات الملبس للعريس قديما تصنع يدويا من خلال الخياطة.

وترتدى العروسة الفستان الذى يصنع من (الستان) ملبس العروسة ، ترتدى فستان احمر أو أصفر و يفصل فى المنزل بشكل مطرز يشبه عباءة الخروج وكان يفصل فى صباح يوم الدخلة داخل مسكن العروسة و على الشعر منديل أبو قورة و الطرحة تسمى (اوركادى) بالنوبي ويأخذوا لون الفستان وكان متعدد الألوان وترتدى الذهب فى أعلى الوجه على شكل دائري حول الرأس كما ان القماش الذى يصنع منه الفستان يسمى قماش ( تيم نادية ) و يتم منه تفصيل الملابس الداخلية ومتعددة الألوان فى المنزل من أهل العرو العروسة.

أما بعد التغير فأصبحت العروس ترتدى الفستان الأبيض، والطرحة البيضاء المطرزة بالخرز والأشكال المختلفة وتكون طويلة، و تحمل بوكيه ورد ، و تاج على الرأس يأخذ اللون الأبيض والحذاء الأبيض ، مع عمل قصات للشعر على شكل حديث وترتدى فى الصباحية العباءات الحديثة ذات الألوان المختلفة. وعن ملابس العريس فكان العريس فى الماضي يرتدى الجلباب الأبيض والسروال الأبيض و الفنلة البيضاء ، وهو الزى المتعارف عليه فى قبيلة الكنوز ولكن حديثا أصبح العريس يرتدى بدلة العرس الجاهزة والتي تتكون من الجاكت الأسود والبنطلون الأسود والقميص الأبيض و الكرافت و الحذاء الأسود وتتعدد الألوان الأسود و البنى و الكحلي و الرمادي حسب اختيار العريس وإن كان البعض منهم لازال محتفظ بالملابس العرس التقليدية فى قبيلة الكنوز. كما تناول الباحث في كتابه المسكن فى قبيلة الكنوز بين الثبات والتغيير.

أوضح الباحث أن الدراسة توصلت إلى عدة نتائج، حيث حدث تغير فى المسكن التقليدي وكذلك الملبس فى قبيلة الكنوز، وابرز العوامل التي أدت الي حدوث هذه التغييرات ومراحلها.

يذكر أن مؤلف الكتاب، عمرو محمد عبدالمنصف سرحان، باحث دكتوراة بقسم الأنثروبولوجيا جامعة أسوان، وحاصل على ماجستير في الأنثروبولوجيا قسم الثقافية بتقدير ( ممتاز)، وحاصل على دبلوم تمهيدي الماجستير قسم الأنثروبولوجيا بتقدير ( جيد جدا)، ونشر أبحاث علمية بكلية الآداب جامعة أسوان.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى