المكان البطل الرئيسي .. في المجموعة القصصية «ممرات بيضاء لغزالة وحيدة»
كتبت – نوال شلباية:
صدر حديثًا عن الهيئة المصريّة العامة للكتاب المجموعة القصصية «ممرات بيضاء لغزالة وحيدة» للقاص كرم الصَّبَّاغ وتتكوَّن المجموعة من أربع وعشرين قصة تقع في مائة وست عشرة صفحة.
يعدُّ المكان بطلًا رئيسًا في قصص المجموعة التي تدور أحداث أغلبها في البيئة الصحراويّة التي يحمل أهلها سمات وموروثات خاصّة، حتى تلك القصص التي تدور أحداثها في فضاءات مغايرة ثمّة وشيجة تربطها ببيئتها الأمّ بيئة الصَّحراء، التي تشي بالبكارة والصفاء الروحيّ الأمر الذي يتسق مع الأجواء الصُّوفية المهيمنة على عدد من القصص، هذا وتحتفي قصص المجموعة بالمنسيين والمهمشين وتشتبك مع الهموم الذاتية والهموم الجمعيّة، وتنتصر للإنسان الّذي يكابد كابوسيّة الواقع، ويحلم بالخلاص، ولا تخلو بعض قصص المجموعة من ملمحٍ غرائبيٍّ يتخطّى الواقعيّ، ويؤسّس لرؤاه الخاصة، الّتي تتمرّد على ذلك الواقع بقبحه وزيفه ومن ثمّ تتجسَّد من خلال تلك الرؤى الأحلام الموءودة، والأمنيات المستعصيّة كطرحٍ بديلٍ يقاوم الانكسار والهزيمة.
ومن هنا جاءت فكرة العنوان ممرات بيضاء لغزالة وحيدة ، التي أحسبها تعبر عن روح السَّارد الحائرة، هذا وتتميّز المجموعة بلغةٍ شعريّةٍ شفيفةٍ، لم تقف استعاريتها وكثافتها حاجزًا أمام تدفُّق السَّرد، وتتميّز قصص المجموعة في الآن ذاته بنهاياتها وقفلها التي تعتمد على إحداث المفارقة ومخالفة أفق التَّوقع؛ الأمر الّذي يحقّق للقارئ المتعة والدهشة. وتعد مجموعة “ممرات بيضاء لغزالة وحيدة” هي المجموعة القصصيّة الخامسة في مسيرة القاصّ كرم الصَّبَّاغ الّذي صدر له من قبل “رمال وجع الغائب” و “يمام الوجد” و ” بخفة عصفور وحزن يمامة” و “كبوح ناي قديم”.