تضارب الأرقام عن أعداد الضحايا والمفقودين .. والسلطات الليبية تقدرهم بالآلاف
منظمة الصحة العالمية تطلب التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية
صعوبة كبيرة في التعامل مع آلاف الجثث التي أعادتها الأمواج لليابسة أو تتحلل تحت الأنقاض
بعد مرور ستة أيام على الفيضانات العنيفة التي اجتاحت شرق ليبيا، تتضاءل الآمال في العثور على أحياء خصوصا في مدينة “درنة الأكثر تضررا جراء هذه العاصفة التي خلفت آلاف الضحايا لكن ما يزيد من الوضع تعقيدا، هو ارتفاع خطر انتشار الأوبئة بين الأهالي بعد رصد عشرات من حالات التسمم نتيجة المياه الملوثة.
وتواجه مدينة درنة أزمة في المياه الصالحة للشرب وسط أنباء عن انتشار روائح الجثث المتحللة في شوارعها، على إثر العاصفة “دانيال” التي ضربت الأحد الماضي شرق ليبيا، وتسببت أمطار غزيرة بكميات هائلة في انهيار سدين في درنة، ما أدى إلى تدفق المياه بقوة في مجرى نهر يكون عادة جافا.
وقد تدفقت المياه بارتفاع أمتار عدة، وحطمت الجسور التي تربط شرق المدينة بغربها، وخلفت المياه الجارفة وراءها مشهد دمار يبدو كما لو أن زلزالا قويا ضرب جزءا كبيرا من المدينة.
وقبل الكارثة، كان تعداد المدينة يصل إلى أكثر من 100 ألف نسمة لكن في ظل صعوبة الوصول والاتصالات وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة، تتضارب الأرقام عن أعداد الضحايا والمفقودين لكن السلطات الليبية تقدرهم بالآلاف.
وتحدثت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 38 ألف شخص في الشرق الليبي، بينهم 30 ألفا من درنة، فيما قالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين.
وتواجه السكان وفرق الإغاثة مشكلة أخرى في مدينة درنة الليبية، حيث يجدون صعوبة كبيرة في التعامل مع آلاف الجثث التي أعادتها الأمواج لليابسة أو تتحلل تحت الأنقاض بعد أن دمرت الفيضانات المباني وألقت بالكثيرين في البحر.
وقد دعت منظمة الصحة العالمية ومنظمات إغاثة أخرى السلطات في ليبيا إلى التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية، قائلة إن هذا قد يتسبب في مشكلات نفسية طويلة الأمد للعائلات أو قد يحدث مخاطر صحية إذا كانت الجثث مدفونة بالقرب من المياه.
وطالبت المنظمة بشكل مشترك مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتحسين إدارة عمليات الدفن لتكون في مقابر فردية محددة وموثقة بشكل جيد، محذرة من أن وجود الجثث عند مصادر المياه العذبة أو بالقرب منها يسبب احتمال تسرب فضلات إليها.
ولاتزال تداعيات ومخاطر هذه الكارثة مستمرة خصوصا فيما يتعلق بالتحذيرات من مواجهة مشكلة تلوث المياه الصالحة للشرب، إذ أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، تسمم 55 طفلا بمياه ملوثة في مدينة درنة.
وقد وقعت حالات التلوث والإسهال بين العائلات النازحة من مناطق الفيضانات بسبب اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي.
كما حذر المجلس البلدي لمدينة درنة من استخدام مياه الآبار الواقعة في نطاق وسط المدينة وحتى شاطئ البحر، فيما نبهت لجنة الطوارئ الصحية بالمدينة من كارثة بيئية أشد وطأة في شرق ليبيا جراء تحلل الجثث غير المنتشلة والفيروسات المحتملة في المياه الراكدة بعد انحسار الفيضانات التي اجتاحت المنطقة.
وقد أبدت السلطات قلقها الكبير من تفاقم مشكلة تلوث المياه نتيجة الفيضانات والسيول وعدم توفر مياه صالحة للشرب في مدينة درنة، مؤكدة أن إجراءات احترازية سيبدأ تفعيلها من اليوم في إطار مواجهة الكارثة، إذ قد تلجأ لعزل المناطق المتضررة عن درنة خوفا من انتشار الأوبئة.
إن حجم خسائر وأضرار العاصفة التي تعرضت لها ليبيا يفوق ما يمكن تخيله، لكن الشعب الليبي ضرب أعظم الأمثلة في الوحدة والتعاطف والصمود في مواجهة هذه المأساة المدمرة، وينتظر تقديم الإغاثة للمتضررين، وتنفيذ الإجراءات الوقائية لتجنب تفشي الأمراض وانتقال العدوى.
وبالفعل أرسلت العديد من الدول فرق إنقاذ ومعدات ومعونات، لمساندة ليبيا في هذا الوقت العصيب، إلا أنها مازلت في حاجة إلى حشد موارد إضافية وتوفير مساعدات ضرورية عاجلة، حيث يلعب عنصر الوقت دورا مهما في إعادة الوضع إلى طبيعته.