صلاح رشاد .. يكتب: الملك العضوض والأثمان الباهظة (20)
نهاية الأمويين تلوح في الأفق
ضرب يزيد بن الوليد بن عبدالملك وحدة البيت الأموي في مقتل بعد أن خرج علي ابن عمه الوليد بن يزيد وقتله، ولم يهنأ يزيد بالخلافة أكثر من 6 شهور، فقد مرض مرضا شديدا وكان قد جعل ولاية العهد في أخيه إبراهيم ومن بعده إبن عمه عبدالعزيز بن الحجاج بن عبدالملك.
وكان أهل حمص قد خرجوا علي يزيد غضبا لمقتل الوليد كما طلب بالثأر منه مروان بن محمد بن مروان، وهو رجل بني أمية القوي في ذلك الوقت، فقد كان والي الجزيرة وأرمينية وصاحب الخبرات والتجارب الهائلة في الحروب وكان في الخامسة والخمسين من عمره.
وكانت المطالبة بدم الوليد طريق مروان لاصطياد الخلافة التي كان أبعد ما يكون عنها لأنه لم يكن من أولاد عبدالملك الذين سيطروا علي الخلافة بعد أبيهم باستثناء فترة عمر بن عبدالعزيز الوجيزة والتي كانت أزهي وأعظم فترة في تاريخ دولة بني أمية رغم أنها لم تزد علي سنتين وبصعة شهور.
وكان مروان بن محمد (ابن أخو عبدالملك) .. ولولا هذا الظرف التاريخي لما وصلته الخلافة التي لم يهنأ بها هو الآخر، لأنها جاءته والبيت الأموي في أشد حالاته ضعفا وتمزقا وانقساما .. ولكن السلطة عندما تفتح بابا لأهل الدنيا مهما كان ضيقا يشمرون عن سواعدهم ويبذلون الغالي والنفيس من أجل النفوذ والجاه والسلطان.
وهذا ما فعله مروان، الذي لم يكن المسكين يعلم ماتخبئه له الأقدار من نهاية أليمة وفاجعة وأشد ماساوية من نهاية الوليد بن يزيد، فالمهم في تلك اللحظة التاريخية أن يحصل علي المنصب الكبير واللقب الفخيم البراق «أمير المؤمنين» .. وهو ما حدث بعد أن مات يزيد بن الوليد بن عبدالملك سريعا .. بعد 6 شهور فقط ولم يكن قد تجاوز السادسة والأربعين من عمره (هي نفس سن أبيه الوليد بن عبدالملك عند موته).
وكان آخر ما قاله يزيد بن الوليد: وا حسرتاه وا آسفاه (يتحسر ويتأسف علي خوضه في الفتن والدماء ثم كانت المحصلة 6 شهور فقط في السلطة .. وليت عشاقها يتعظون).
وتولي بعده أخوه إبراهيم فرفض بيعته مروان بن محمد الذي كان قد أعد العدة للسيطرة علي الخلافة، فقدم إلي دمشق بجيش قوامه 80 ألف جندي، فأرسل إليه إبراهيم جيشا بقيادة ابن عمه سليمان بن هشام واحتكم ابنا العم إلي السيف من أجل الملك والسلطان، فانتصر مروان وهرب إبراهيم الذي لم يهنأ بالخلافة سوي بضعة أيام، ليجد مروان الطريق مهيأة له لتولي الخلافة، خاصة أن ابني الوليد بن يزيد، وهما الحكم وعثمان اللذين كان أبوهما قد جعلهما في ولاية العهد ذُبحا في السجن خلال عهد إبراهيم القصير.
وهكذا كان قتل الأمويين بعضهم البعض دليلا علي ما وصلوا إليه من انحدار وقطع للأرحام .. ودليلا علي ما قاله العباس بن الوليد بن عبدالملك: إن الله قد أذن في هلاككم.
فماذا فعل مروان بن محمد رجل بني أمية القوي ؟
وهل كان في استطاعته أن ينقذ ملك الأمويين بعد أن انقسموا علي أنفسهم وأصبح بأسهم بينهم شديدا ؟
نجيب في الحلقة المقبلة إن شاء الله .