الشهيد دافع بقوة وبسالة عن قسم شرطة كرادسة
د. نجلاء سامى زوجة البطل تسترجع شريط الآلام : زوجى رفض مغادرة المكان.. وقاوم الإرهابيين بعزيمة الفرسان
لبى نداء ربه صائما..و عزائي أنه ينعم فى الجنة الآن
رحيله كابوس يطاردنى ..بدلاً من الإحتفال بعيد زواجنا ال 21 تلقيت خبر وفاته
فقدت النطق والحركة من هول الصدمة.. و ساظل فخورة أننى رفيقة حياته
كتبت – ثناء القطيفى:
تظل بطولات وتضحيات رجال شرطة قسم كرداسة ماثلة وحاضرة فى أذهان جموع المصريين بكل تفاصيلها التى ادمت العيون وأوجعت القلوب.
الوجع الذى خلفه رحيل هؤلاء الشهداء لأسرهم وكل محبيهم لن ينتهى بمرور الأيام والسنين.. ولكن تبقى تضحياتهم بأرواحهم نموذج فى الفداء يتفاخر به الأهل والأولاد والزوجات.
وتزامنا مع ذكرى انتصارات العاشر من رمضان و التكريمات الرسمية والشعبية حرص “الخبر live” على لقاء الدكتورة نجلاء سامى زوجة الشهيد العقيد عامر عبدالمقصود نائب مأمور قسم كرداسة الذى تصدى ببسالة وشجاعة لجرائم الجماعة الإرهابية وظل صامدا أمام هجومهم البغيض، بعد قيام قوات الأمن بفض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين.
زوجة الشهيد تحكي وكأن الجريمة البشعة للإرهابيين وقعت منذ أيام.. شريط الأحداث المأساوي محفور فى ذهنها.. تسرد تفاصيله وكأنه يمر أمام عينيها.
تقول بقلب منفطر أعياه وهزمه فراق شريك العمر ورحلة الكفاح إنه عندما باغت الخوارج والخونة مركز شرطة كرادسة وهاجموه بضرواة بأسلحة ثقيلة وبعد مقاومة مستميتة تمكنوا من السيطرة عليه.. رفض الشهيد عامر عبد المقصود الفرار رغم أن ذلك كان فى مقدوره لكنه كان قد أقسم بالدفاع عن وطنه حتى آخر قطرة فى دمه وأختار الشهادة ضاربًا أروع المثل فى العزيمة الشجاعة والتضحية.
-قلنا لزوجة الشهيد.. حدثينا عن الأيام الأخيرة للشهيد عامر؟
تصمت وكأنها تعود بالذاكرة إلى أجمل الأيام.. ثم تستدرك قائلة :كان الشهيد يشعر بالخطر منذ ٣٠ يونيو وتلقى بالفعل تهديدات بالقتل وخوفا علينا أن يصيبنا أي مكروه وحتى يبدد القلق الذى سيطر علينا.. أرسلنا إلى الساحل الشمالى يوم ٢/٦.. وفى هذا اليوم الحزين كما علمت فوجئ وكل الضباط و من معه بالقسم بمحاصرة مجموعة من الإرهابيين للمكان والهجوم عليه.. وأتذكر إنه أجرى مداخلة مع الإعلامى الراحل وائل الإبراشى – رحمة الله – يطلب فيها دعما للقسم وأنهم محاصرون داخله.. وهنا وقع فى قلبى أننى لن أراه مرة أخرى.. ومرت اللحظات العصيبة على وأولادي كأنها دهر.. وكان كل تفكيري.. كيف أصل إليه؟ ومن خلال متابعتي للموقف المأساوي أدركت أن الرحلة الدنيوية إنتهت مع إبن خالتى وحبيبى وزوجى الغالى شاهدت.. و أدركت أن ما رأيته فى منامى من استشهاد زوجى قبلها بعامين بقيام أشباح سوداء معالم وجوههم غير واضحة يضربون زوجى بسيوف .. ثم أشاهده وهو يدخل الجنة، وكلما دخل من باب يرى جنة أجمل من التى قبلها حتى يصل لباب الجنة السابع.
وتواصل زوجة الشهيد السرد والدموع تغالب عينيها قائلة : رأيت وكأن زوجى الشهيد يكلم المولى عزوجل.. ويقول له الله : تمنى على يا عبدى.. فقلت لزوجي وماذا طلبت؟.. قال: طلبت أن أنال الشهادة بكل شرف وأمانة.
أضافت :عامر كان يدرك مدى الخطر المحدق به من يوم ٣٠ يونيو.. وانتابني الخوف عليه عليه بشدة لأننا لم نفترق لحظة واحدة.. وسبحان الله وافق فض اعتصامي رابعة والنهضة يوم 2013/8/14 عيد زواجنا الـ٢١ وكنت أنتظره ليلاً للإحتفال معا.. لكن وهو فى الطريق إلينا اتصل به مأمور القسم وطلب منه العودة.. وهاتفنى معتذرا لي ووعدنى بالحضور فى اليوم التالى.. وانه يجهز لي مفاجأة سارة هتهز كياني.. وعاد ليجد القسم محاصرا وبشجاعة الأبطال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه أنضم لزملائه ووقف كالأسد أمام القسم.. واتذكر أنه عندما انتشر الخبر كلمته و طلبت منه مغادرة المكان لكنه رفض بشدة قائلا : “مش ممكن أترك مكان مسئول عن حمايته” .
-كيف تلقيت نبأ استشهاد البطل عامر ؟
خبر الاستشهاد نزل علينا كالصاعقة وساعتها أصبت بجلطة أفقدتنى النطق والحركة من الصدمة.
أوضحت الدكتورة نجلاء سامى :زوجى عامر كان قلبه عامرا بالإيمان حافظا للقرآن الكريم ، حريص على الصلاة فى وقتها.. كان خلوقا جدًا ومحبا للخير، و مشهود له بالسماحة ورقة القلب.
وأكدت أن فراق الشهيد ترك ألمًا وحزنًا كبيرًا بداخلها لن يمحوه مرور الأيام والسنين.. موضحة أن فكرة الانتقام له سيطرت عليها حتى وإن فجّرت نفسها فى الإرهابيين الخونة.
تقول:الحمدلله الشهيد عامر كان صائم الـ6 أيام البيض ويبعث الرجل على ما مات عليه.
تصمت برهة وتتساقط الدموع من عينيها قائلة :تفاصيل استشهاد زوجى تعد الأصعب فى حياتى.. ولن تمحي من ذاكرتي فقد آلمتني بقوة.. وصبرى انه مات صائما شهيدا.
تقول : بلغ إجرام الإرهابيين الخونة مداه.. حيث عذبوا زوجى 4 ساعات، وقطعوا شرايين يده وضربوه على رأسه بحديدة وعذبوه حتى صعدت روحه لخالقها.
تسترجع لحظات المأساة قائلة : رجوته كثيراً يغادر المكان.. فقال لى :مش عامر عبدالمقصود إللى يسيب مكانه عشان الإرهابيين يرفعوا علم القاعدة على القسم.
أضافت: قالى خليكى قدام التليفزيون، لو شوفتى صورتي نزلت.. إعرفي إن جوزك شهيد بشرف وأمانة.. وكأنه شعر فعلاً بقرب أجله.
أضافت :واصل الإرهابيون إجرامهم.. فسحلوا زوجي الشهيد عامر من كرداسة حتى ناهيا وسلموه للمجرمة “سامية الإرهابية” التى لا تعرفه أصلاً لكنه الانتقام البغيض من وزارة الداخلية وأثناء احتضاره طلب شربة ماء.. فما كان من المجرمة القاسية قلبها أن أعطته “مية نار”.
-هل حكم المحكمة شفا صدرك ؟
أكيد.. برد نار قلبى نسبياً.. فالقضاء المصرى شامخ وعادل.. ولكنه لن يعيد لنا زوجى الحبيب مرة أخرى.. و عزائى الوحيد أن زوجي شهيد.. يتنعم فى الجنة.. وعما قريب التقيه وأحكى له بطولاته وتقدير مصر والمصريين له.
-رسالة تحب توجهها الدكتور نجلاء ؟
أقول للرئيس عبد الفتاح السيسى ابن مصر البار.. كل الشكر والتقدير على دعمك لأسر الشهداء.. حفظكم الله وحفظ مصرنا الغالية.
-حدثينا عن الأسرة بعد هذه السنوات من استشهاد البطل عامر.. ا ؟
ابني أحمد أتم دراسته الجامعية وحصل علي بكالوريوس إدارة أعمال “إنجليزي “من جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حيث كان سنه ٢٠ سنة لحظة استشهاد والده وكان في تانية كلية.. وعلاء الدين الابن الأصغر كان عمره ١٤ سنة و مرتبط جدا بأبيه.. وهو لاعب كرة قدم بنادي الترسانة مثل البطل والآن الحمد لله تخرج من الأكاديمية الدولية للهندسة والإعلام.
أضافت : وفقنى الله بعد الحادث بالحصول على بكالوريوس إعلام ثم ماجستير من الاكاديمية البحرية بتقدير امتياز.. إضافة إلى أننى حاصلة على بكالوريوس تجارة أعمال.. واظل فخورة بأنني زوجة الشهيد البطل عامر عبد المقصود وفخورة بأولادي.
أضافت :الدنيا كانت صعبة جداً علينا بعد رحيل زوجى.. ولكن إهتمام الدولة بنا بدد بعضاً من أحزاننا.. وقد كرمتني وزارة الداخلية بتوفير فرصة عمل لديهم تكريما للبطل.. والآن اصبحت أقوم بدور الأب والأم والدكتورة الجامعية والموظفة بوزارة الداخلية.. موضحة أنه علي الرغم من المعاناة التي عشتها منذ لحظة استشهاد زوجي وحب عمري و حزني عليه حتى الآن.. لكن استجمعت قواى حتى أثبت للدنيا كلها أن الإرهاب لن يحطمني رغم مرارة فقد زوجي الحبيب.. وأن قوة إيماني بربي أكبر من كل شيء.
سأظل وفية للشهيد ما كنت الدكتورة نجلاء سامى.. والحمد لله على كل شيء .. وأتمنى ان افرح بأولادي.. وأكون وفيت عهدي مع الشهيد.. واتممت رسالتي علي اكمل وجه حتى القى الشهيد.. وأنا راضية كل الرضا عن نفسي.