بالأمس طرحت خطايا الامتحان من حيث غياب المعايير في وضع الأسئلة، في تناغم بديع مع غياب معايير تدريس اللغة العربية بالأساس في وزارة تعليم مصر والتي تنوب عنها «السناتر» والمخازن والحصص «البرايڤت» وذلك عقب اختفاء المدارس التي خرجت ولم تعد منذ قرابة العشرين سنة!
واليوم نطرح معا الخطايا العلمية الفادحة والفاضحة في امتحان اللغة العربية
ابتداءً الامتحان حافل بالأخطاء اللغوية والنحوية والعلمية والأسلوبية والبلاغية وتصل بالإحصاء الدقيق إلى تسعة وأربعين خطأ
نعم صديقي القارئ
أنت قرأت الرقم صحيحًا .. تسعة وأربعين( 49)
يا الله! كيف هذا
يمكنك الرجوع إلى مقال الصديق الأستاذ الدكتور د. حسن مغازى العالم اللغوي المرموق
وهي أخطاء لا يدركها إلا أهل اللغة الثقات، بدليل أنني لم أجد مدرسا واحدا في مدينتي دمنهور، ولا محافظتي ولا المحافظات المجاورة قد أشار إليها
وسوف ألتمس العذر للمدرسين فمعظمهم لا يستطيع أن يقيم جملة عربية صحيحة
وهذا واقع مؤسف
فمعظم أباطرة الدروس الخصوصية لم يرغب في دراسة اللغة العربية بل كان يطمح إلى الطب أو الصيدلة أو الهندسة لكن مكتب التنسيق دفعه دفعاً إلى الآداب أو التربية، ولم يسمح مجموع درجات اللغات الأجنبية أن يلتحق بقسم الإنجليزي مثلا فاضطرته الظروف أن يلتحق بقسم اللغة العربية!
ويكفي أن تعرف أن أحد نجوم «السناتر» في محافظتي كان دائم الرسوب في النحو في الكلية
وأحد النجوم أيضا في ملازمه قرابة الخمسين خطأ لغوياً ونحوياً!
بل ستدهش صديقي القارئ لو قلت لك مثلا إن درسين مثل المصدر الميمي، والجزم في جواب الطلب، لم أجد ملزمة واحدة في مدينتي تدرسهما بصورة علمية صحيحة وكذلك الكتب الخارجية
لأجل هذا التدني اللغوي لم يعترض «اللولبي» في النحو ولا «التنين» في البلاغة على أسئلة الامتحان مدعومين بالخبراء والأمناء!
سأورد بعض الأمثلة على الأخطاء العلمية في الامتحان:
★ سؤال النحو:
( شكرا، لمعشر، قاموا بمساع، بشرت بأفضل غد في طريق نهضتنا الكبرى..)
استخرج ممنوعا من الصرف علامة جره الفتحة:
وأورد في الاختيارات
معشر
مساع
أفضل
الكبرى
وطبعا واضع السؤال يظن أن الإجابة: مساع
وهذا ما أجمع عليه الخبراء وأباطرة «السناتر» ومن خلفهم الأمناء
«مساع» اسم مجرور بالفتحة المقدرة على الياء المحذوفة عوض عنها تنوين العوض
الأزمة أن ( معشر) ممنوعة من الصرف اسم مجرور بالفتحة الظاهرة
وواضع السؤال كالمدرسين والخبراء يظن أن معشر مصروفة على أساس أنها بمعنى قوم وهذا خطأ آخر
معشر بمعنى قوم أو جماعة لا بد أن تضاف ( معشر الناس) مثلا
أما معشر غير المضافة كالواردة في السؤال فهي صفة من العدد ممنوعة من الصرف
وبناء عليه فإن هناك اختيارين صواب
علاوة على أن الجملة ركيكة لغويا حد الفضيحة لا تليق بطالب في الثالث الإعدادي!
…
★( ينبغي للعاقل ألا يرى في ثلاث: تزوّد ليوم المعاد، أو مهنة لمعاش، أو لذة في غير مُحرّم)
وعلى التلميذ أن يختار مصدرا ميميًّا من بين:
أ.. معاش ب.. معاد ج.. مهنة د.. محرم
الإجابات أ ، ب ، د ، كلها صحيحة
ولأني قلت في بدء مقالي هذا إن معظم مدرسي اللغة العربية الآن غير مؤهلين نحويا، بل إنني حددت درسين: الجزم في جواب الطلب، والمصدر الميمي وقلت لم أعرف من يشرحهما بصورة صحيحة..
…
★ هناك أخطاء أخرى في أسئلة النصوص وأسئلة القراءة، فمنها ما يحتمل أكثر من إجابة صواب،
ومنها ما يحمل خطايا لغوية في تركيب جملة السؤال
سيقول قائل: هذه مزايدات وأمور شكلية، سأرد عليه قائلا:
هذا امتحان اللغة العربية في ثانوية مصر يجب ألا يكون فيه أي خطأ علمي أو لغوي أو سياقي
في النهاية
هذا امتحان يليق بمخازن تدريس اللغة العربية
يليق باللولبي في النحو
والصاروخ في البلاغة
وأسد «السناتر»
يليق بمدرسي السبوبة
يليق بموظفين لا يدركون قيمة الوطن الذي يعملون تحت اسمه
يليق بمدارس خاوية
لكنه لا يليق
بمصر
ولا ببناتي وأبنائي طلاب مصر