تتصور إن ثروة شخص واحد، ممكن تكون أكثر من 20 دولة ؟ .. صعب ؟ .. لا .. ممكن .. على سبيل المثال إيلون ماسك ثروته في آخر قائمة لـ «فوربس» في أبريل الماضي، كانت 219 مليار دولار، والرقم دا أعلى من الناتج المحلي لدول «زي» ليبيريا وجيبوتي وإسواتيني وسيراليون وبوروندي والرأس الأخضر وجامبيا وليسوتو وإريتريا وسيشيل وزنجبار وغينيا في إفريقيا وباربادوس وسورينام وتيمور الشرقية، ودول كتير، ربما أكثر من 20 دولة، فيها ما يبلغ ناتجها المحلي فقط 2 مليار أو أكثر أو أقل، وفيها دول من أوروبا مثل سان مارينو وأندروا، وفيها من الأمريكتين، مثل جزر كايمان وجرينلاند.
يحدث هذا التباين بين شخص «»بني آدم»، وأكثر من عشرين دولة، رغم أن الدول فيها ثروات وبحار ومناجم وربما مصانع وعمال وسياحة وذهب ومعادن، و«البني آدم» لا شيء لديه سوى «رأسه» الذي تدر أفكارها عشرات المليارات.
أقوى اقتصاد في العالم هي أمريكا بأكثر من 27 تريليون دولار، وما عداها ومعها الصين واليابان وألمانيا، يبدو الأمر ممكناً .. أن يتفوق شخص على دولة .. أضعف عشرة اقتصادات في العالم مجتمعة ثرواتها 4.7 مليار دولار .. أي أقل من 2.5 في المائة من ثروة ماسك.
اليوم، قد يكون «أبليكيشن» أهم من 100 مصنع، وفكرة ذكاء صناعي تتفوق على عشرات الشركات والمؤسسات.
لم يعد مهماً كثيراً أن تبحث في باطن الأرض أو في ثرواتك الطبيعية أو تستدر أمجاد ماضيك .. صناعة التكنولوجيا أصبحت أغلى وأثمن من الذهب والبترول.. ربما أهم ما في المعادلة أن ثروات «الدماغ» بالذات ليست قابلة لذلك الفساد الطاغي الذي يبتلع الثروات.
نيجيريا من أكثر الدول غنى بالثروات والمعادن، لكنها غنية أيضاً بالصراعات والانقسامات، ومؤكد كثير من الفساد، لذلك فيها ما فيها.
لا أمل يمكن أن تتفتح نوافذه في ظل وجود الفساد، فحين تصبح مهمة المسؤول استغلال منصبه، وضمان بقائه، وحين يمتد الفساد لرجل الشارع العادي، وتنتشر الرشوة والواسطة ويغيب الضمير، لا تنتظر إصلاحاً .. الفساد أكبر عقبة في طريق أي إصلاح.
الأمر ليس سهلاً .. أن يكون عندك من هؤلاء الذين تتفوق اقتصاداتهم على اقتصادات الدول أمر جيد، لكنهم في النهاية ليسوا اقتصاد دولة ولن يكونوا بديلاً للدولة .. مؤكد سيستثمرون لكنهم لن يحلوا محلك، ولو كان لديهم فساد ما حققوا ما وصلوا إليه .. يبدو أن على الدول أن تدير اقتصاداتها بفكر هؤلاء.