أيام ويبدأ العام الدراسى الجديد.. وللأسف العشوائية تسيطر على العملية التعليمية.. سيل من التصريحات اليومية من وزير التربية والتعليم والمتحدث باسمه والمسئولين والخبراء عن التطوير بجميع الصفوف المدرسية .. والنتيجة على أرض الواقع مؤسفة ومخزية.
والحقيقة المُرَّة أن الوزارة تعيش فى واد بعيد تماما عن حقيقة الشارع التعليمى المؤسفة.. فالدروس الخصوصية والكتب الخارجية رفعت راية التحدى والعصيان فى وجه الكبار والصغار.. و أعلنت بأعلى صوت :أنا سيد الساحة.. وبمنتهى الراحة !!
طوفان التلاميذ والطلاب من كل الأعمار يدخلون ويخرجون من جراجات تحت العمارات بدون شبابيك أو أى منافذ تهوية .. لو عطس طالب أو طالبة .. فعلى الباقى السلام .. ثم تراهم على الشاشات يصدعون رؤوسناء بالإبتعاد عن الأماكن المغلقة للوقاية من كورونا ومختلف الإصابات .. أى كلام والسلام!!
والحقيقة المؤلمة أن الدروس الخصوصية أصبحت بمباركة كل الأجهزة بديل المدارس الحكومية -على وجه الخصوص- .. والمسؤولية مشتركة بين الحكومة وأولياء الأمور .. فلا الفصول بالمدارس تستوعب الأعداد.. ولا يوجد معلمين أو معلمات.. العجز صارخ فى كافة التخصصات.. حتى العمال «إللى مات» لم يعين بديل له منذ سنوات، ولو أرادوا عودة الطلاب إلى المدارس لفعلوا وتم تصويب كل الأخطاء.
والمؤسف والمخزن أنهم تناسوا أن زرع بذور الإنتماء وحب الوطن كان يبدأ من طابور الصباح .. وتحية العلم.. وإلقاء كلمة فى حب البلد .. ودخول الفصول على وقع الموسيقات العسكرية .. ولكن الآن المدارس خاوية تشكو حالها وإهمالها.
و عن مسئولية أولياء الأمور الكرام فحدث ولا تخشى أن تلام .. ساهموا فى تجريف دور المدارس الحكومية بمنع أبنائهم من الذهاب ولو حتى لشهر مارس .. وكلنا عاش المقولة الشهيرة «لا مدارس بعد مارس» حيث كان المدرسون قد فرغوا من شرح الدروس.. وحاليا أول أسبوع ثم «بيتك بيتك» والدروس.
والقوا نظرة على الجروبات خاصة الـ “الماميز” لتدركوا حجم المأساة.. والسباق فى السؤال عن أحسن مدرس فى العلوم والرياضيات واللغات و«الزفتات» .. وكل واحدة تدلوا برأيها فى سوق نخاسة أولادنا .. رغم أن هناك معلمين أقوى مئات المرات من أباطرة الدروس واسألوا مدرستى الجمهورية والثانوية بنات.. والعسكرية.. ويوما ما كانت عمر مكرم!
هى دى باختصار شديد حكاية ضياع دور المدارس.. وسيبك من كلام الوزير والسادة المحافظين عن الاستعدادات للعام الجديد .. كله كلام لملء فراغ الجرايد والمواقع والشاشات.. لكن الواقع يكذب هذا وذاك والبركة فى أولياء الأمور وسباقهم المحتوم على مراكز الدروس الخصوصية .. ودفع مبالغ خرافية يتبعها الشكوى من سوء الأحوال المعيشية .. وفى النهاية واقع مرير ..جامعات أهلية وخاصة، وحتى الحكومية النصيب الأكبر بكليات القمة فيها للغشاشين وطلاب لجان أولاد الذوات.. وهناك قلة قليلة بمجهودها.. وسلم لى على تكافؤ الفرص وضبط وربط الإمتحانات.
ولو فى مقدورى لصرخت فى الميادين والشوارع بأعلى صوتى: بلاها دروس خصوصية.. قعدوا عيالكم ووفروا القرشين.. كله محصل بعضه.. القهاوي فى إنتظار الخريجين!!
ويبقى السؤال : لماذا يتم بناء مدارس جديدة وأولياء الأمور والسادة المسئولين تشاركوا فى منع الأولاد من الذهاب .. ثم لماذا لا يكون السادة المحافظين ووكلاء وزارة التعليم أكثر صراحة وموضوعية ومصداقية ويرفعوا تقارير بالحقيقة المرئية .. مع الاقتراح بتأجير المدارس لمعلمى الدروس الخصوصية.. وتبقى كده فايدة للدولة المصرية.. وتكون وظيفة الوزارة الإشراف فقط على العملية الإمتحانية.!!
وسيبك يا عم الوزير من التصريحات الوهمية عن مجموعات الدعم المدرسية.. كله كلام مهلبية.. الأولاد أصلا لا يذهبون للمدارس وقبلتهم الدروس الخصوصية .. والمعلمون عرفوا الطريق وبيدفعوا المطلوب.. وسيبك من الحملات على السناتر.. و التصريحات للجرايد .. كله كلام لا يودى ولا يجيب..!!
أما عن الكتب الخارجية.. فالكلام يجيب سكتة مخية وقلبية بعد الأسعار الجنونية والفلكية .. ناهيك عن مذكرات معلمى الدروس الخصوصية.. وكلها مهلبية.
والسؤال : ما فائدة طبع الكتب المدرسية وإهدار المليارات طالما الحل فى الكتب الخارجية بمباركة الحكومة المصرية؟! ولحساب مين بتروح كل الفلوس دية..؟!
وهل يحدث فى أى بلد بالدنيا يتم طبع كتب مدرسية.. وأخرى خارجية بالحجز والدوخة على المكتبات؟
وهل عجزت الوزارة عن جمع كل خبراء المواد التعليمية فى كافة الصفوف المدرسية وطبع كتب على غرار الخارجية وأقوى.. وتكون مصدراً وحيداً للمذاكرة ؟!
حد يفهمنا إيه المشكلة.. ولحساب مين كل هذا البزرميط ودوخة الأسر المصرية..؟!
يا ناس ارحمونا.. وانهوا هذه العشوائية إن كنتم تريدون حقا صالح الدولة المصرية.. وتذكروا أننا كنا يوما سادة سادات الدول العربية فى العملية التعليمية.