“ميثاق جدة للمسئولية الإعلامية”: ضرورة مكافحة دعوات الكراهية والامتناع عن نشر المواد التي تغذي التطرف
أكد المشاركون في أعمال المنتدى الدولي “الإعلام ودوره في تأجيج الكراهية والعنف.. مخاطر التضليل والتحيز” أهمية التزام الصحفيين والإعلاميين بمكافحة دعوات العنف والكراهية والتمييز العنصري، والامتناع عن نشر المواد التي تغذّي التطرف والإرهاب، مع الحرص على ترسيخ ثقافة الاختلاف الواعي واحترام التنوع الثقافي والاجتماعي، والحفاظ على سلام المجتمعات.
جاء ذلك في “ميثاق جدة للمسئولية الإعلامية” الصادر عن المنتدى، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي واتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي، بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية، والذي شهد مشاركة واسعة من رؤساء وكالات الأنباء الأعضاء بالاتحاد ووكالات الأنباء الدولية.
وأشار “ميثاق جدة” إلى أهمية الحرص على إعمال المواثيق الصادرة من المنظمات الدولية والمؤسسات المهنية، والحرص على احترام حرية الرأي والتعبير في سياق مشروعيتها الحضارية الداعمة لسلام العالم ووئام مجتمعاته الوطنية، وضمان حق الرأي العام في التعرف على الحقيقة والوصول إلى المعلومة بوثائقها المقدمة بتجرد وحياد.
وأكد المجتمعون أن مقتضيات العصر أصبحت تتطلب صياغة تحالف دولي لإحباط التضليل الإعلامي، تحسينًا لأداء العمل الإعلامي وجودته وفق معايير وضوابط تُمثل أخلاقيات الخطاب الإعلامي بأركانها وواجباتها.
وشددوا على ضرورة تعزيز الإعلام للإيمان بالكرامة الإنسانية، والالتزام بالمُثل الأخلاقية المشتركة، وصيانة حقوق الإنسان واحترامه أيًا كانت هويته الدينية والوطنية والإثنية أو غيرها ممن يتعين احترام وجودهم وحقهم في اختيار توجهاتهم المشروعة، والامتناع عن بث ونشر ما من شأنه المساس بحقوق الآخرين أو انتهاك خصوصياتهم.
ودعا المشاركون في أعمال المنتدى إلى ضرورة محاربة الظواهر السلبية والممارسات الخاطئة، والتصدّي لدعوات نشر الرذيلة والانحلال الأخلاقي، وكل ما يضر بالمجتمعات، أو يتنافى مع الفطرة السوية والقيم الإنسانية الجامعة.
وأشاروا إلى أهمية احترام الرموز الدينية والوطنية للأمم والشعوب، والإصرار على أن الإساءة إلى المعتقدات والمقدسات الدينية لا تندرج ضمن حرية التعبير، بل هي استغلال غير أخلاقي لهذه القيمة النبيلة، ولا ينجم عنها سوى المزيد من استفزاز المشاعر وخَلق العداوات وتأجيج التوترات.
ولفت المجتمعون إلى الضرورة البالغة لترسيخ ثقافة الاختلاف الواعي، واحترام التنوع الثقافي والاجتماعي والحفاظ على سلام المجتمعات ووئام مكوناتها وترسيخ تعايشها وتطوير نهضتها، ومراعاة المعايير العلمية والموضوعية والأخلاقية في النقد والحوار.
وأكدوا أن الإسلاموفوبيا وغيرها من الأفكار الكارهة والإقصائية تعد نموذجًا للعنصرية المقيتة التي تشيطن الآخر وتُقصيه لضيقها بالتعدد، وعدم قدرتها على التفاعل معه، أو لسوء فهمها لانعزالها وغطرستها، فضلًا عن تأصل الكراهية في بعض النفوس مما يدل على مستوى عزلتها الإنسانية والأخلاقية.
وشددوا على الأهمية الكبيرة لمكافحة دعوات العنف والكراهية والتمييز العنصري، والامتناع عن نشر المواد التي تغذّي التطرف والإرهاب، أو تحرض عليهما، والعمل على محاربة كل ما يُخلّ بأمن الأوطان والمجتمعات، أو يَزرع الشقاق والاحتراب.
وقال المجتمعون إنه يتعين حجب المحتويات ذات الصلة بالعنف والكراهية، والحذر التام من أحادية الاتجاه وانحيازية الضوابط، والاحتراز من نشر المواد الإعلامية المسيئة أو المهينة للأفراد والجماعات، وإدانة كافة صور التحقير والازدراء، واستخدام لغة مهذبة وراقية، تَحفظ الكرامة، وتبيّن الحقيقة، وتضمَن التعايش، وتحترم الجميع.
وشددوا على أنه يجب التعامل بحساسيّة ووعي مع الأحداث الكارثية والمأساوية، واستخدم المواد البصرية واللغوية بمهنية واحترافية، والحذر من الإساءة إلى الضحايا أو المتضررين والمنكوبين بنقل التفاصيل والصور الجارحة أو الصادمة، وممارسة العمل الإعلامي بحرية واستقلالية ذاتية، لا تخضع للضغوطات أو التأثيرات بجميع صورها وأشكالها، وتجنب استغلال النفوذ أو الصلاحية لخدمة المصالح الشخصية وتحقيق المكاسب الذاتية.
وأضافوا أنه يجب الالتزام بالمسئولية الشخصية والتحلي بالقيم الأخلاقية والاجتماعية، وعدم استخدام أساليب الخداع والابتزاز للوصول للخبر، والتحقق من صحته، وتوخّي الحكمة في تغطيته، بما يُسهم في تنوير الرأي العام وتوجيهه بتوازن واعتدال، والابتعاد عن أساليب المبالغة والتهويل، وتجنّب الإثارة والتحريض على الكراهية والعنف.
ودعا المشاركون في المنتدى جميع الإعلاميين إلى استشعار شرف المهنة القائم على الموضوعية والحيادية في تلقي الأخبار وعرضها، واعتبارهما التعبير الأمثل لبيان الحقيقة التي ينبغي أن تصل إلى الجمهور، من غير إقصاء أو انحياز أو تضليل، والالتزام بالسبل المشروعة في الحصول على المعلومة، وتجنب الوسائل غير الأخلاقية التي تنتهك حقوق الآخرين أو تعتدي على خصوصياتهم.
كما طالبوا بضرورة الاعتماد على الجهات الموثوقة ذات المصداقية في نقل الأخبار والتقارير، ومراعاة حقوق النشر عند الاقتباس منها، وتحري الصحة والدقة فيما يقدم أو ينشرمن مواد وتقارير إعلامية، والبعد عن الاختلاق والقرصنة والتزييف والتحريف ونشر الأخبار المضللة، أو الشائعات .