عام

نحن أمام كارثة إنسانية وتدمير ممنهح وتهجير قسرى

طالب وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، بوقف فوري للعدوان والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدا أنه لا يجوز للمجتمع الدولي أن يبقى صامتاً إزاء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم ومجازر.

كما طالب المالكي، في كلمته أمام الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة المغرب لبحث العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بتأمين دخول الإحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني بشكل فوري.

وقال المالكي “إن الحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها، إنه في كل مرة، وفي كل منعطف تختار إسرائيل الحرب، وتختار الإحتلال، والإستعمار والضم والنفي فهي لم تنحاز للسلام قط ولم تختر قط إحترام القانون، ولم تعترف قط بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والعيش كشعب حر ومستقل في وطنه”.

وأشار إلى أنه على مدى السنوات 75 الماضية، لم تستخدم إسرائيل سوى القوة والتهديد باستخدام القوة والاضطهاد، والعقاب الجماعي والانتقام، والسياسات والإجراءات التمييزية لتعزيز إستيلائها على الأراضي واستعمارها للأرض الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية ،وفي ذات الوقت ترفض الالتزام بحل الدولتين الذي يتمتع بالإجماع الدولي وتعمل على أفشاله على رؤوس الاشهاد.

وأضاف وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني أن الهدف الأساسي لهذه السياسات والممارسات غير القانونية معلن ومعروف للجميع هو تهجير واستبدال الشعب الفلسطيني في انتهاك لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير وغيره من قواعد القانون الدولي القطعية”.

وقال المالكي” يصعب علينا وصف ما يشهده قطاع غزة من مجازر جماعية أشبه ما تكون بالإبادة بجميع أنواع الأسلحة حتى المحرمة دولياً”، مضيفا “إننا إزاء كارثة إنسانية تتشكل أمام ناظرينا تتمثل بالقتل المستهدف والتدمير الممنهج والترحيل القسري، وقطع المياه والكهرباء والوقود والغذاء والدواء، وتدمير المنزل وتشريد قاطنيه في حال لم يتم تصفيتهم بالكامل، وتدمير البنية التحتية وكل ما يرمز الى حياة يومية في غزة”.

ووجه المالكي تحية إكبار وإجلال لأبناء وبنات الشعب الفلسطيني العظيم الذين يواجهون اليوم حرب إبادة مسعورة من قبل الإحتلال العنصري الاستعماري الإسرائيلي الغاشم وترحم على أرواح الشهداء الفلسطينيين الأبرار ،متمنيا لآلاف الجرحى الشفاء العاجل.

وعبر المالكي عن الفخر والاعتزاز بالشعب الفلسطيني الأبي في قطاع غزة الحبيب وسائر فلسطين، الذي يواجه بعزة وكرامة بطشاً ساحقاً ويبقى صامداً بشكل إسطوري.

وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن “ولسنوات طويلة وقف على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة وحذر مراراً وتكراراً من النتائج المترتبة على استمرار الإحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بما يرافقه من إرتكاب إنتهاكات وجرائم يومية ضد المواطنين المدنيين العُزل وأرضهم ومقدساتهم ومنازلهم وممتلكاتهم ومنشآتهم ومؤسساتهم، على يد قوات الإحتلال وميليشيات المستوطنين المنظمة والمسلحة، وفي وضح النهار وسط تحريض ودعم وإسناد أركان أساسية في الحكومة الإسرائيلية أمثال بن غفير وسموتريتش.

ولفت المالكي إلى أن عدد الشهداء من الشعب الفلسطيني بلغ منذ بداية العام حتى بدء العدوان الأخير مئات الشهداء، بالإضافة للآلاف من المعتقلين والمنازل التي هدمتها سلطات الإحتلال والتي أدت إلى تشريد الآلاف أيضاً من أبناء الشعب الفلسطيني في القدس والتجمعات البدوية خاصةً، الأمر الذي وثقته وتحدثت عنه مئات التقارير التي أصدرتها مؤسسات ومنظمات محلية وإسرائيلية ودولية، في أبشع عمليات ضم تدريجي زاحف للضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وتقويض أية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض ،واستبدالها بنظام فصل عنصري اسرائيلي بغيض (ابرتهايد)وفقاً لمبدأ حل الدولتين.

وأشار إلى إنه كدلالة لهذا التوجه فقد اشترت وزارة الأمن القومي الإسرائيلي، التي يرأسها بن غفير، خمسة آلاف قطعة سلاح وطلبت شراء عشرة آلاف قطعة أخرى لتوزيعها غلى مستوطني الضفة الغربية لاستخدامها في اعتداءاتهم المستمرة على المواطنين المدنيين العزل في كل مناطق الضفة الغربية المحتلة.

وقال وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني “إننا حذرنا أيضاً من تداعيات إغلاق الأفق السياسي لحل الصراع ورفض الحكومة الإسرائيلية وإفشالها لأية جهود عربية ودولية مبذولة لإحياء عملية السلام والمفاوضات وإفشالها المستمر لجميع التفاهمات الموقعة لتحقيق التهدئة، ليس هذا فحسب، بل والتعامل مع شعبنا وفقاً لخيارات سموتريتش الثلاثة التي عرضها في خطته الإستعمارية العنصرية التي يتفاخر بها، عارضاً على المواطنين الفلسطينيين الإستسلام والتعايش مع الإحتلال أو القتل، أو التهجير”.

وتابع الوزير الفلسطيني ” حذرنا مطولاً من إزدواجية المعايير الدولية والصمت الدولي على جميع إجراءات إسرائيل أحادية الجانب غير القانونية وفي مقدمتها الإستيطان وإستباحة المقدسات المسيحية والإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وما يتعرض له من إقتحامات تهويدية من أجل تكريس تقسيمه الزماني ريثما يتم تقسيمه مكانياً، كما هو حاصل أيضاً في الحرم الإبراهيمي الشريف”.

وقال المالكي” من حقنا أن نسأل: ما هي النتيجة لكل ما سبق ذكره، من حصار ظالم غير إنساني لقطاع غزة ومحاولات تكريس فصله عن الضفة الغربية، إلى إنتهاكات وجرائم الإحتلال والمستوطنين، إلى الفشل الدولي في تطبيق القانون الدولي على الحالة في فلسطين المحتلة؟.

ونبه وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني إلى أنهم يريدون أن يعود قطاع غزة كما كان قبل مئات آلاف السنين بدون قاطنيه، منطقة عازلة مفرغة أمنية، وهناك من يُصفق أو يغمض أعينه ويتجاهل حقيقة ما يحدث، أو يبرر تلك الجرائم.

وقال المالكي “عالمنا ظالم قاس لئيم حاقد، تقوده العنصرية والكراهية يقضي على الحب والتعاون والتعايش، إنهم من يريدون أن يعلمنا الدروس وهم من يستحقها، اؤلئك الذين يتباهون بالديمقراطية والقانون وهم من يخرقوها”.

وأضاف “حتى هذه الساعة بلغ عدد الشهداء أكثر من ألف شهيد نصفهم من الأطفال والنساء كما تم تدمير أكثر من ألف مبنى وتشريد أكثر من 300 ألف إنسان بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية والمدارس والجوامع والمقرات الحكومية والبنوك والمصانع..إنهم يتجهون إلى التدمير الشامل”.

وأكد أن الشعب الفلسطيني يريد دعمكم، ودعم الشعوب الحرة في العالم ويكفيه ما بدأ يراه من حراك شعبي في كثير من عواصم العالم التي تنتفض على الظلم وعلى سياسات حكوماتها.

وقال” إن المهم الآن هو وقف تلك الإبادة ووقف هذه الكارثة، ووقف العدوان والقتل والدمار فقد تم إستشهاد عدد من العائلات بأكملها وشطبت من السجل المدني، وتدمير مدارس ومنازل وعمارات وأبراج ومؤسسات ومساجد ومستشفيات ومناطق بأكملها سويت بالأرض، وعملية تهجير تحت القصف للمواطنين المدنيين العزل، والذي إستهدف كل شيء في قطاع غزة، الأطفال، النساء، كبار السن، المرضى، في جرائم ترتقي لمستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، تتم على شاشات الفضائيات أمام العالم بغطاء من أطراف دولية أعطت بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لإستباحة القطاع بمواطنيه ومعالمه، لدرجة بات المسؤولون الإسرائيليون يتفاخرون بما يرتكبونه من جرائم يتندى لها جبين البشرية بحجة الدفاع عن النفس”.

وأضاف المالكي ” تحت هذه الحجة، بعض الأطراف الدولية فوضت نتنياهو وحكومته لإرتكاب إبادة جماعية بحق أهلنا في قطاع غزة بما في ذلك قطع الكهرباء والمياه والمواد الطبية والغذائية والوقود، واستهداف الطواقم الطبية، الصحفيين والاعلاميين، فلم يبق شيء في القطاع إلا وتم إستهدافه”، وتساءل :هل هذا دفاع عن النفس، أم مخطط له مسبقاً؟ وهل توجيه الغزيين من قبل أطراف إسرائيلية بالخروج من غزة دفاعاً عن النفس؟

ونبه إلى أن هناك توجها خطيرا تديره بعض الدول الأوروبية بوقف وتجميد المساعدات التنموية عن فلسطين، وكأن السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس وحكومته المسؤولين عن الأحداث الأخيرة، مؤكدا أن هذا عقاب مباشر للشعب الفلسطيني المستفيد الأول والأخير لهذه المشاريع التنموية، مشيرا الى أن هذا يتم أصلاً بعلم وكالات تنمية تلك الدول وبعلم حكوماتها وبموافقتهم، ليخرجوا علينا بهذا القرار الغريب والمستغرب، ووصفه ب”الإفلاس السياسي والعنصرية المفرطة وفقدان للبوصلة السياسية وتخبط تحت ضغط إسرائيلي وصهيوني أوروبي”،مضيفا “إذا كانوا يعتقدون أن هذا سيخُضع شعبنا للموافقة عما رفضه بدماء أبنائه طوال سنين طويلة، فهم واهمون”.

وأشار وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني إلى أن تلك الدول تتعمد عزل الأحداث عن سياقها العام وحقيقة أن تصاعد الأحداث على الأرض لا تحدث في فراغ، بل هي مرتبطة بشكل مباشر بوجود إحتلال إستعماري غير قانوني متواصل يمارس كافة أشكال الاضطهاد ضد الشعب الواقع تحت احتلاله ويرتكب مخالفات للقواعد الآمرة في القانون الدولي بضم الأرض المحتلة وفرض نظام الفصل العنصري (الابرتهايد).

وأكد أن تعمد تجاهل نكبة الشعب الفلسطيني المتواصلة منذ 75 عاما، وحقائق إستخدام إسرائيل غير القانوني وغير المنقطع للقوة الغاشمة ضد الشعب الفلسطيني وأعمال العدوان والقتل والتهجير المستمرة، وتعمد إنكار إنسانية هذا الشعب العظيم وحقوقه وألمه، تعكس عنصرية وانحرافا سياسيا وإنسانيا أوصلتنا إلى ما نحن فيه مع إعلانات التضامن الشاملة مع إسرائيل التي تقدمها العديد من الدول الغربية وتتعمد تجاهل الشعب الفلسطيني، وضحاياه، وسياق قضيته العادلة والقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، التي تدوسها إسرائيل بشكل منهجي، مشيرا إن هذا النفاق والرياء السياسي أمر غير مقبول وغير مبرر ، وهو يساهم في إستمرار الجرائم وتصاعدها.

كما أكد المالكي، أن دولة فلسطين تدين بشدة قتل وإستهداف المدنييين أينما كانوا وتعتبره جريمة ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولي والمحاكم الدولية المختصة.

وقال وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني “إن الكارثة الماثلة أمامنا وما تفرضه علينا المسؤوليات الجسام وواجب الإصرار على الحل الجذري ومعالجة الظلم الأساس ومصدر الوحشية والعنف الأساسي والوحيد وجذر الصراع ،هو الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، فمن غير المقبول التعاطي بجدية مع التصريحات والمواقف السطحية التي تشوه حياة الفلسطينيين وحقوقهم، أو تجردهم من إنسانيتهم، أو تتجاهلها، وتعالج فقط أعراض هذا الظلم الذي طال أمده.

وجدد المالكي، تأكيده على أن الإلتزام بالتفاهمات الموقعة واستعادة الأفق السياسي لحل الصراع، وإحياء عملية السلام من خلال عملية سياسية تفاوضية جدية بين الجانبين وفقاً لمرجعيات السلام الدولية ومبادرة السلام العربية تفضي لإنهاء الإحتلال، هو المدخل الصحيح لتحقيق أمن واستقرار المنطقة وازدهارها،منبها إلى أنه بدون ذلك سيبقى العنف والتطرف والعنصرية والإحتلال والاستيطان وارتكاب المزيد من الجرائم والدمار هو سيد الموقف، والنتيجة هي تآكل متواصل وإضعاف ممنهج لفرص السلام وأنصاره لصالح هذا الجنون ومن يقف خلفه، وهي نتيجة مباشرة لغياب الإرادة الدولية في تطبيق القانون الدولي وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

وأعرب المالكي، في ختام كلمته، بإسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عن شكره على حُسن إلاستجابة لطلب دولة فلسطين والمملكة المغربية بعقد وحضور هذا الإجتماع في مقر جامعة الدول العربية” بيت العرب الأول” في العاصمة المصرية” القاهرة”، لتدارس ونقاش المخاطر الحقيقية التي تتعرض لها قضية شعبنا عامة، والنتائج الكارثية للإنفجار الكبير الحاصل في ساحة الصراع وتداعيات الحرب الإسرائيلية المدمرة على أهلنا وشعبنا في قطاع غزة، والبحث في مجالات التحرك العربي المشترك والعاجل لوقف العدوان فوراً، وتوفير الإحتياجات الأساسية لأبناء شعبنا في القطاع.

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى