عاممقالات

وداعا .. حلمي بكر

بعد معاناة طويلة مع المرض، ترجل الفارس النبيل .. ذهب إلى لقاء ربه من كان يتصدى بقوة وصدق وإصرار أمام الإسفاف والمجون ومدعي الفن الهابط .. سقطت آخر حبة من عنقود المبدعين الحقيقيين … صاحب الألحان الشجية القوية
ومكتشف الأصوات الواعدة والمواهب الحقيقية في مجال الفن الغنائي، أحد أهم روافد القوة الناعمة التي تميزت بها مصر …
كنت أشفق عليه وهو يجاهد متصديا للظواهر الطفيلية التي بدأت تسيطر على فن الغناء المصري … وكيف تعرض لانتقادات عديدة بسبب عنفه وقسوته وعدم رضوخه أمام دعوات الحلول الوسط … وظل صامدا رافضا أن يجيز أو يشجع أي صوت أو لون من أصواتهم القبيحة متمسكا برأيه الصريح الواضح …
مشكلته الحقيقية أنه كان يسبح وحيدا ضد التيار …
لم يجد من يسانده أو يناصره …
فمعظم الفنانين استسلموا ورضخوا … تحت ضغط المادة الرهيب …
أيضا كان موقف مجالس إدارات النقابه المسؤولة عن تطوير وحماية الفن الموسيقي بمراحلها المتعددة كان موقفا مخزيا … فقد اهتموا بجمع الأموال وتحصيلها بصرف النظر عن الأصول والأصالة والذوق الرفيع …
فقالوا بمنح كل من يدفع تصريحا أو عضوية وانغمسوا في فساد كبير وتفرغوا من أجل صراعات لا أخلاقية ملأت الصحف والفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي …
حتى الفترة التي تولى فيها أحد المبدعين قيادة النقابة وهو الفنان الكبير هاني شاكر إلا أنه فشل في تنفيذ خطته للإصلاح والتطوير بسبب استشراف الفساد داخل أروقة النقابة
وربما أيضا لعدم خبرة الفنان الكبير في التعامل مع هذه النوعيات المتمرسة في الفساد فقرر الإنسحاب حفاظا على تاريخه الفني وحرصا على سمعته التي هددوه بأن ينالوا منها
وكان مشهد الاجتماع الأخير له مع أعضاء النقابة (تمت إذاعته) … كان اجتماعا مهينا سيطر فيه الطبالون والبلطجية على مجريات الأمور وانتهزوا الفرصة للتطاول على شخص النقيب وتأكدوا من إهانته والتقليل منه … فكان القرار الذي لا مفر منه وهو تقديم الاستقالة من خلال مداخلة مع الإعلامي عمرو أديب …

رحم الله الفنان المبدع حلمي بكر …
و الله نسأل أن يعود الفن الإبداعي الحقيقي لتدعيم قوة مصر الناعمة التي يحاولون بشتى الطرق القضاء عليها وسحب البساط من تحتها لحساب مواسم وعواصم تقدم الدعم المالي الخرافي غير المحدود …

رسالة أخيرة أخاطب بها كل المنتمين إلى الفن المصري ممن ما زالوا متمسكين بالأصالة والرقي والاحترام: … عليكم بالتكاتف وعدم الانسياق أو الضعف أمام ضغوط المادة …

حافظوا على ما تبقى من رصيد محترم …
أما من تخلوا ومن خدعتهم الأضواء الزائفة البراقة فأقول لهم:…
اعلموا أنكم اخترتم الطريق الخطأ
وأن من استطاعوا استقطابكم هدفهم الوحيد أن تكونوا سلما يصعدون عليه لاحتلال مكانتكم وإعلان انتهاء ريادتكم
… وثقوا أنه بعد انتهاء المهمة ستكونون أول من يتم إبعاده تماما عن المشهد ..

اعلموا أيضا أن الفن الحقيقي لا يموت ولا يصنع … وثقوا أن مصر دائما ولَّادة ..
وأنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح …

حفظ الله مصر ….

Follow us on Google News Button

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى